إنّ عمل المدقّق يستوعب جميع أنماط الكتابة؛ بدءاً من الكتابة الأدبيّة، ومروراً بالكتابة الحرّة، وحتّى الكتابة الأكاديميّة، هذا فضلاً عن تدقيق الأخبار، والتقارير، والمقالات، وكافة الأنماط الصحفيّة. لكن تدقيق مقالات الرأي هو نوعٌ خاصٌ جداً من التدقيق؛ لما لمقالات الرأي من خصوصيّةٍ بكاتبها، حيث أنّها في المقام الأول تعبّر عن رأيه وثقافته، وتوجهّه العام، والمهارة التي يجب أن يمتلكها المدقّق في هذه الحالة هي أن يكون قادراً على أخذ النص كما هو، والاحتفاظ به في شكله الحالي مع تدقيقه بدقّة.
وهنا تكمن الصعوبة؛ لأنّ النص وجهة نظرِ الشخص، وإذا تغيّر فيه شيءٌ قد تتغير نبرة العمل المكتوب، الأمر الذي يترتب عليه معارضة كاتب النص الأصلي للتعديلات؛ لمخالفتها لما يريده مثلاً، ولربّما كان النص عاكساً لمشاعر، ومعتقدات، ورغبات الشخص الذي كتب العمل، ولهذا هناك بعض الأشياء المهمة التي من المفترض للمدقّق القيام بها مع تدقيق مقالات الرأي، وهي:
التواصل مع الكاتب.
يجب التحدث إلى كاتب مقال الرأي، فهذا أمرٌ مهمٌ جداً؛ لأنّه سيقدّم لك الأسباب الكامنة وراء ما كتبه، بل قد يسمح لك بمعرفة الهدف الأساسي الكامن وراء النص، وهذا الأمر سيتيح لك بالتأكيد الحرية في تعديل بعض المفردات، أو الجمل في حدود معرفتك بالهدف من النص.
اقرأ أيضاً: تعرّف على الغش البحثي، وكيف تتجنبه؟
قراءة النص وبعض إنتاج الكاتب.
ربّما إذا كنت على اطلاعٍ بالإنتاج الأدبي للكتّاب، يتيح لك هذا خبرةً مسبقةً في التعامل مع نص الكاتب؛ لأنّك بالفعل تعلم مسار الكاتب، ووجهته السابقة فيما أنتجه، وبالتالي يتيح لك حريةً أكثر في التصرف في التدقيق، والتعديل.
أما قراءة النص كاملاً قبل بدء تدقيقه وتحريره، فهذا أمرٌ يتيح لك الحصول على فكرةٍ سريعةٍ عن وجهة الكاتب في هذا النص تحديداً.
اصنع موجزاً سريعاً للنص أثناء تدقيق مقالات الرأي.
إذا قرأت النص، واستوعبت فكرته العامة، ووجهة نظره، فمن الأفضل أن تكتب موجزاً سريعاً على ورقةٍ منفصلةٍ تلّخص رأي القطعة، بحيث يمكنك الرجوع إليها بعد ذلك، والتأكّد من أنّ مقال الرأي، أو النص لا يزالان يتبعان نفس الموجز المختصر للفكرة.
اقرأ أيضاً: عشر نصائح عمليّة لتطوّر من أسلوبك الكتابيّ.
التأكّد من صحة الحقائق.
إذا كنت بصدد تدقيق مقال رأي يحمل الكثير من الأرقام، والحقائق، والبيانات، فأنت إذن بحاجةٍ إلى التأكّد من صحة الحقائق، ولا تقل لنفسك أنّ هذا مقال رأي، وأنّ كاتبه يتحمّل؛ لأنّه ليس من الجيد أن تمر من تحت يدك معلومات غير صحيحة في المقالة، بل يجب عليك التنبيه، والتأكد من الحقائق، واعلم أنّ نشر مقال مع معلومات خاطئة، أو مغلوطة يتسبّب في فقدان مقال الرأي لتأثيره.
التوازن بين شخصية المقال، وتنقيح الأسلوب.
أحد القواعد المهمة، والرئيسيّة في تدقيق مقال الرأي هي الحفاظ على شخصية المقال كما هي، مع التأكد من أنّ المقالة محترمة من حيث اللغة، والأسلوب، والتناول، ولك أن تسعى لأن تجعل النص متوازناً؛ بحيث يُظهر الكاتب على أنه شخص يعطي رأيه، وليس شخصاً يطلق الشتائم؛ فمن المحتمل ألاّ يتم نشر أي شيءٍ فظٍ، أو ينتقد بشكلٍ مفرطٍ، أو مسيءٍ.
اقرأ أيضاً: خمس عادات سيئة تجنّبها في الكتابة الأكاديميّة.
تدقيق مقالات الرأي لغوياً ونحوياً.
بعدما قمت بجميع الخطوات السابقة مع نص مقال الرأي أصبحت الآن مهيأً لمسح المقال مسحاً لغويّاً، ونحويّاً. وذلك بحثاً عن الأخطاء، وهو الأمر الأسهل والأيسر في التعامل مع مثل هذه النصوص. لأن هذه الخطوة بمثابة خطوةٍ روتينيّةٍ لا تتطلب من المدقّق سوى مهارات اللغة العربيّة، واتباع الخطوات المألوفة للتدقيق اللغويّ والنحويّ.
تدقيق مقالات الرأي ليس للبحث عن أخطاء.
إذا انتهيت من النص وأصبح النص مدققاً لغويّاً ونحويّاً، ولا يوجد به أخطاء في هذا الاتجاه، تذكّر أنّ عملك لا ينتهي هنا. فالتدقيق اللغويّ للمقالات لا يتعلق فقط بالأخطاء.
أنت تريد تلميع جملك، وجعلها سلسة وممتعة وواضحة. إذن لابدّ من مراجعة الجمل الطويلة جداّ، فقد تكون أقل وضوحاً من الجمل القصيرة والمباشرة.
أيضاََ انتبه إلى إيقاع النص. حاول استخدام جمل ذات أطوال وأنماط مختلفة، ابحث عن العبارات غير الضرورية، والتكرار، والنقاط المحرجة واستبدلها.
التواصل مرةً أخرى مع الكاتب.
بعد الانتهاء من تدقيق مقال الرأي سيكون من الطبيعي إعطائها للكاتب، للتأكّد من أنّ وجهته الأصلية لا تزال موجودة. وفي هذه المرحلة يشرح المدقّق للكاتب فلسفة التعديلات التي أجراها على النص. لأنّه من خلال إظهار ما قمت به للكاتب، ولماذا فعلت ذلك؟ يمكنه أن يرى أن النبّرة والعناصر الشخصيّة باقية، مع جعل المقال أكثر قابليّةً للنشر.
نقدم في موقع “المدقق” خدمات تدقيق، وتحرير مقالات الرأي باحترافية تامة، وبأسعار مناسبة للجميع. فلا تتردد في طلب خدماتنا التي نقدمها عبر نخبةٍ من المتخصّصين الأكفّاء.
