ما هي مهارات التدقيق اللغويّ؟

عرّفنا في مقالاتٍ سابقة التدقيق اللغويّ، وذكرنا أنّه عمليةٌ يتمّ من خلالها مراجعة النصوص المكتوبة والمحكية، وتنقيحها والبحث في تفاصيلها، واستخراج كافة الأخطاء الإملائية والنحويّة، والصرفية التي تعكّرها؛ مما يؤدي إلى الرقي بمستوى النص نحو الاحترافية والخلو من الأخطاء، ونبّهنا إلى أنّ التحرير له صلاحيات أكثر من التدقيق اللغويّ العربي؛ تتضمن استبدال الأخطاء بالصواب وتصحيحها، ومراجعة النص من ناحية الصياغة، والتأكد من صحة معلوماته، على عكس التدقيق اللغويّ الذي يكتفي باستخراج الأخطاء والإشارة إليها، وفي هذا المقال، سنتحدّث عن أهم مهارات التدقيق اللغوي التي يحتاجها كلّ من يعمل في التدقيق اللغويّ العربي.

مهارات التدقيق اللغويّ.

هناك بعض المهارات التي يحتاج إليها المدقق اللغوي العربي، ويجب أن يهتم بها ويسعى إلى احترامها أثناء عملية التدقيق اللغوي، وهي:

مراجعة النصوص مرتين على الأقل.

ستجد بعض الأخطاء والعثرات المهمة التي لم تنتبه إليها من التدقيق اللغوي للمرّة الأولى مهما بلغت خبرتك، وقوّة ملاحظتك وتركيزك المرتفع؛ وذلك لأنّه في المرة الأولى يتمّ التركيز على الجزء وليس الكل، أي أنّك تلاحظ الأخطاء الإملائية والصرفية، والنحوية ضمن نطاق جملةً واحدةً فقط، ولا تنظر إلى ما قبلها أو ما بعدها، فربّما يكون المعنى غير منطقي، أو غير مناسب للسرد، أو ربما يكون تسلسل الأفكار خاطئ، وكل هذه الأشياء لن تلاحظها إلّا في المرة الثانية أو الثالثة؛ لذا بعد انتهائك من التدقيق اللغويّ للمرة الأولى، كرّر الأمر مرةً ثانيةً لكن على النص ككل، وليس على جزءٍ معيّنٍ منه.

اقرأ أيضاً: ما هي أهمية التدقيق اللغوي؟

كل إنسان خطّاء، وكذلك المدقق اللغويّ العربي.

من الطبيعي أن ترتكب بعض الأخطاء والزلّات؛ لأنّك لست معصوماً من الخطأ، وهذا ليس شيءٌ معيبٌ أو مخجلٌ، فحتّى القواميس العربية المشهورة مثل قاموس الوسيط فيه أخطاء تم استخراجها وتصحيحها، ولكن المعيب هو ألا تنتبه لها في المراجعة للمرة الثانية والثالثة؛ لأنّك ربّما تسهو أوّل مرة، ولكن ليس كلّ مرة.

استخدام الأدوات الرقمية والتقنيّة.

بفضل التطور التقني والتكنولوجي الذي نشهده أصبح كلّ شيءٍ في حياتنا أسهل، وكذلك فإن مهنة التدقيق اللغوي أصبحت أبسط مما سبق؛ ففي الماضي كان المدقّق يعتمد على الورق والكتابة، وكانت عملية التنسيق والمحو، والتصحيح شيئاً صعباً، بينما الآن فيمكنك فعل كل شيء باستخدام الحاسوب، والاستغناء عن الورق بشكل كامل، وهناك بعض الأدوات التي ستسهّل عليك عملك في هذا المجال بشكلٍ كبيرٍ، أهمها برنامج MS Word، وبرامج النمذجة التلقائية، واختصارات لوحة المفاتيح، وكل هذه الأدوات تسمح لك بإنهاء عملك بسرعةٍ وبدقّةٍ، دون الإخلال بمعايير الجودة.

توقّع الأخطاء وفقاً للمحتوى.

عندما تعمل كمدقّق لغويّ، ستقوم بمراجعة محتوياتٍ عديدة، كالمحتوى العربي الصرف أو المترجم، القديم أو الحديث، العلمي أو الأدبي أو الصحفي، ولكلّ محتوى مما سبق أخطاء تختلف عن غيره من المحتويات، مما يزيد الحمل والتعب عليك؛ فينبغي أن تكون لك ثقافةً في المجالات السابقة، حتّى تكون قادراً على استخراج الخطأ اعتماداً على المعنى، فليست كل الأخطاء إملائية أو نحوية أو صرفية، إنما هناك أخطاء في الصياغة، وأخطاء في المعنى، وغيرها، فمثلاً، المحتوى المترجم ستظهر به الكثير من الأخطاء الناتجة عن الترجمة الحرفية، وهنا يأتي دورك إذ تحتاج إلى التركيز، واستبدال بعض الكلمات، والعبارات بأخرى أفضل؛ لضمان وضوح المعنى.

اقرأ أيضاُ: ما هو الفرق بين التدقيق اللغوي والتحرير؟

عدم التعصّب.

لا يجب على المدقّق اللغوي أن يلتزم برأيه فقط، وأن يثير الخلافات حول أمور بسيطة غير مهمة؛ فما دام الكلام مفهوم ويحترم قواعد اللغة العربية، فلا داعي للبحث عن الأصح أو الأفضل، لاسيّما إن كان الكلام موجهاً إلى غير المختصّين في اللغة العربية.

العمل بروح الجماعة.

في الغالب، لن تعمل لوحدك في عملية التدقيق اللغويّ؛ لأنّ النص الذي بين يديك يحتاج إلى ما هو أكثر من التدقيق اللغوي، وسيمرّ على أشخاص آخرين، ويمكن في مرحلةٍ من المراحل أن تضطر إلى العمل الجماعي، وهنا يجب أن تكون متقبّلاً للآخر ومتعاوناً، ولا تبخل بأي معلومة تعرفها، وحاول تقديم النصائح والإرشادات؛ لتجنب الوقوع في الأخطاء مرةً أخرى.

ترتيب الأولويات، والاستجابة للضغوط.

في الكثير من الأحيان، يتعرّض المدقق اللغوي إلى ضغوط العمل وقلّة الوقت المتاح، وعدم القدرة على التوفيق وتحديد الأولويات، وهذا شيءٌ سيئٌ، ويمكن أن يفقدك اسمك وشهرتك وعملك؛ فحاول أن تعمل بسرعةٍ أكبر وبتركيزٍ عالٍ، وأن تحدّد أولوياتك بشكلٍ واضح؛ لكن لا تنتقص من جودة المحتوى وعملية التدقيق نهائياً.

شارك المقالة

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *