الغش البحثي

تعرّف على الغش البحثي، وكيف تتجنبه؟

في بعض الأحيان، يتم اتهام الباحثين بتزوير، أو تلفيق البحوث، أو الغش البحثي، فضلاً عن الانتحال، أو الازدواجيّة في النشر، أو التقديمات المتعددة، وهو الأمر الذي يعرّض حياة بعض الباحثين، وسمعتهم للخطر؛ بسبب اتهاماتٍ قد تكون كاذبة، أو ناتجة عن خطأ غير مقصود، وللأسف حتى لو تم تبرئة الباحث من الاتهام الباطل، فإنّ التغطية الإعلاميّة المكثّفة للاتّهام مقابل التبرئة، يمكن أن تعني ضرراً دائماً للباحث طوال حياته الأكاديميّة.

ما الفرق بين التزوير، والتلفيق، والسرقة فيما يخص الأبحاث؟

هناك نوعان مختلفان من الغش البحثي: تلفيق، وتزوير، ورغّم أنهم مرتبطان ببعضهما، إلّا أنّهما مختلفان بشكلٍ واضحٍ، حيث ينطوي التزوير أساساً على التلاعب، أو تغيير البيانات، ومواد البحث، والعمليات والمعدات، وبالطبع النتائج. 

كما يمكن أن يشمل ذلك تغيير النتائج بطريقةٍ لا يكون البحث فيها دقيقاً؛ على سبيل المثال، قد يبحث الباحث عن نتيجةٍ معينة، والبحث الفعلي لا يدعم نظريته، لذا فقد يتلاعب بالبيانات، أو التحليل؛ لمطابقة البحث مع النتائج المرجوة.

أمّا التلفيق، فيدور بشكلٍ أكبر حول تكوين نتائج البحث والبيانات، والإبلاغ عنها على أنّها صحيحة، وقد يحدث ذلك عندما يقول الباحث، على سبيل المثال، أنّ عملية معملية معيّنة تمّت، بينما في الواقع، لم تكن كذلك، أو أنّ البحث لم يتم من الأساس، أو أنه تمّت سرقة نتائج دراسة من بحثٍ سابقٍ، ونشرها كبحثٍ أصلي.

فكلاً من التزوير والتلفيق في البحوث عبارة عن أشكالٍ خطيرةٍ للغاية لسوء السلوك، ويؤدي الغش البحثي إلى سجلٍ علمي غير دقيق، لا يعكس الحقيقة العلمية، بالإضافة إلى ذلك ، يخدع أصحاب المصلحة المهمّين في البحث، مثل رعاية المؤسسات، والممولين، وأرباب العمل، وقرّاء البحث، وعامة الناس.

اقرأ أيضاً: ما هو دور المشرف الأكاديمي في البحث؟

كيفية الكشف عن الغش البحثي؟

يخضع التلاعب المشتبه به في البيانات في البحث، أو التلفيق، أو التزوير للإبلاغ والتحقيق؛ لتحديد ما إذا كان القصد هو ارتكاب الاحتيال، أو ما إذا كان ذلك خطأً، أو سهواً، ولدى معظم الناشرين سياساتٍ صارمة للغاية بشأن ذلك، فضلاً عن الجامعات، والهيئات الأكاديميّة التي تمنح الدرجات العلميّة، وقد كثرت البرامج الإلكترونيّة، ومواقع الإنترنت التي ظهرت من أجل كشف السرقات العلمية، وقد تنوّعت بين البرامج المجانيّة، والبرامج المدفوعة التي تعتبر أفضل، وأكثر دقةً، وصحةً من البرامج المجانيّة، ويستطيع الباحث الدخول إلى مواقع البرامج المجانيّة المنتشرة عبر شبكة الإنترنت، وفحص النص الذي يريد فيه، وتعمل هذه البرامج وفق مبدأ مقارنة النص المفحوص مع آلاف الوثائق الموجودة على الإنترنت، ومن ثمّ تُحدّد نسبة السرقة العلميّة الموجودة فيه.

مع العلم أنّ نتائج البحث التي تقدّمها هذه البرامج ليست دقيقة تماماً، ولن تستطيع كشف التزوير والتلفيق بشأن التجارب، والبحوث العمليّة، فغاية ما تقوم به هو الكشف عن الاقتباس الحرفي من النصوص التي سبقت كتابة البحث، وتظلّ مهمة الكشف الرئيسيّة عن السرقات، والتزوير على عاتق المشرفين على الأطروحة العلميّة.

خطوات سهلة يمكنك من خلالها تجنّب الغش البحثي العرضي

فيما يلي خطوات سهلة يمكنك من خلالها تجنب الغش العرضي، والأضرار الناتجة عنه:

أولاً: تقدير الأعمال السابقة. 

يجب تقدير قيمة العمل السابق ذي الصلة بدقةٍ. فعند كتابة ورقة أكاديميّة، اعترف بأكبر قدر ممكن من العمل السابق للمجال. وفي ذلك اذكر جميع مصادر الأفكار، والأساليب المستخدمة في بحثك. بما في ذلك عملك المنشور سابقاً، وتأكّد من التمييز بين أفكارك الخاصة، وأفكار العلماء الآخرين.

الغش البحثي

ثانياً: استخدم علامات الاقتباس. 

إذا كنت تكرر كلمات باحثٍ آخر حرفياً، فتأكّد من استخدام علامات الاقتباس. ومع ذلك، فإنّ الاقتباس المباشر من العلماء الآخرين يُعتبر أكثر ملاءمةً في العلوم الإنسانيّة منه في العلوم التطبيقيّة.

اقرأ أيضاً: ما معنى معامل الصدق والثبات في البحث العلمي؟

ثالثاً: إعادة الصياغة لتجنب الغش البحثي.

استخدم كلماتك الخاصة عند إعادة صياغة أفكار الآخرين. وتذكّر أنّ إعادة الصياغة الحقيقيّة لا يمكن تحقيقها بمجرد نسخ مقطع من كتابات شخصٍ آخر، ثمّ تغيير بضع كلمات. لكن بدلاً من ذلك يجب أن تكتب مقطعاً أصلياً بالكامل يصف أفكار الباحث الآخر، ويجب عليك تضمين اقتباسات من منشورات الباحث نفسه.

رابعاً: أشر بوضوح إلى الاقتباسات في ملاحظاتك. 

إذا اقتبست أفكار باحثٍ آخر في ملاحظاتك، فهناك خطر من أنّك ستخطئ في الاقتباس لكلماتك الخاصة عند مراجعة ملاحظاتك في وقتٍ لاحق، هذا يمكن أن يؤدي إلى سرقةٍ أدبيّةٍ عرضيّةٍ. ولتجنّب هذا الخطر حدّد بوضوح علامات الاقتباس بعلامات اقتباسٍ في ملاحظاتك الشخصيّة. ويمكنك بدلاً من ذلك، السعي إلى إعادة صياغة كلمات العلماء الآخرين بدلاً من الاقتباس مباشرةً.

خامساً: قدّم اقتباسات حتى للحقائق المعروفة. 

العديد من الحقائق العلمية معروفةٌ على نطاقٍ واسعٍ لدرجة أنّك قد لا تشعر بالحاجة إلى تقديم اقتباسٍ لها. ومع ذلك، فإنّ الحقيقة المعروفة على نطاقٍ واسعٍ بين العلماء في مجالك قد تظل معلوماتٍ جديدةً للطالب الذي بدأ للتو في التعرّف على موضوع بحثك. وقد يؤدي حذف الاستشهاد بمطالبةٍ ما إلى اعتقاد هذا الطالب بأنّ هذا الادعاء هو فكرتك الأصليّة. لذلك يجب عليك تضمين اقتباسات للحقائق التي تم تحديدها مسبقاً قدر الإمكان عمليّاً.

اقرأ أيضاً: عشر نصائح عمليّة لتطوّر من أسلوبك الكتابيّ.

سادساً: الاحتفاظ بسجلات لجميع البيانات الخام. 

احتفظ بسجلات لجميع البيانات الخام. ففي حالة الاشتباه في حدوث تزوير، أو تلفيق، ستطلب المجلة، أو هيئة تحقيق أخرى مراجعة معلوماتك. لذلك، يجب الاحتفاظ بسجلاتٍ خالية من العيوب، وتحليلها، والاحتفاظ بها في مكانٍ آمن.

سابعاً: الشفافية والصدق. 

لأن الغرض من البحث هو زيادة المعرفة الجماعيّة، فلن يكون ذلك إلا بالالتزام بالشفافيّة، والصدق في جميع الأبحاث، والبيانات، والتحليلات، والاستنتاجات. وهو الأمر الذي سيضمن النزاهة في البحث.

شارك المقالة

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هل تحتاج إلى مدقق لغوي؟اطلب الخدمة الآن
+ +