التوتر هو طاقة نفسية تدفع الإنسان إلى محاولة تقديم أفضل ما عنده، وتُخرج كل ما يمتلكه من قوة ليحمي نفسه من تجربة يخشاها، أو امتحان يخاف منه. إن القلق أو التوتر لا بد من وجوده، لأن اللامبالاة شيء سيئ ونتائجه كارثية. ولكن ينبغي للقلق أن يكون إيجابياً ومحفزاً لتقديم جهد أكبر، وليس مثبطاً وداعياً للاستسلام. لا ننكر أن الإنسان حتماً سيتوتر في المواقف المهمة والمفصلية في حياته. لاسيما أثناء مناقشة رسالة الماجستير، ولكن في الحقيقة، إن هذا التوتر يتلاشى خلال لحظات فقط، فبمجرد أن تبدأ بالحديث ستجد نفسك تتكلم بطلاقة وبثقة، وسوف تنسى التوتر والقلق بعد دقائق، وتستمع بدلاً من أن تخاف. وفي هذا المقال، سوف نتحدث عن التوتر أثناء مناقشة رسالة الماجستير، وكيفية التخلص منه، وأبرز النصائح حول هذا الموضوع.
ما هي رسالة الماجستير؟
مناقشة رسالة الماجستير أو درجة الماجستير هي مستوى من مستويات الدراسات العليا، يحاول الطلبة الجامعيون الحصول عليها وامتلاكها بعد الانتهاء من المرحلة الجامعية والبكالوريوس. وفي الحقيقة، إن الحصول على درجة الماجستير هو ليس بالأمر الهيّن، إنما يحتاج دراسة عميقة، واطلاعا موسعا، وجهدا أكبر يبذله الباحث العلمي. وبالطبع، الأمر ليس مستحيلاً، إذ يمكن الحصول على درجة الماجستير دون صعوبات بالغة، وذلك في حالة اتباع كافة الملاحظات والأمور التي يطرحها المشرف، ومعرفة كيفية التعامل مع فترة الدراسة، ومع المحكمين والأساتذة، وتنفيذ المهام الأخرى، في سبيل إنجاز رسالة ماجستير ترقى للمستوى المطلوب.
يمكن تعريف رسالة الماجستير اصطلاحاً بأنها دراسة أطروحة أو موضوع ما مرتبط بظاهرة أو مشكلة معينة في المجال الذي تخصص به الباحث العلمي. ويحصل الباحث على درجة الماجستير من خلال مناقشة رسالة الماجستير التي يعمل عليها الباحث طوال الوقت. ويتم إنجاز الرسالة بمساعدة المشرف والأشخاص الآخرين، والمراجع والأبحاث السابقة. ويجب أن تخضع للشروط التي تضعها الجامعة المسؤولة التي يدرس الطالب مرحلة الماجستير ضمنها، لذا لا بد من أن يلتزم الباحث بهذه الشروط، ويحققها في رسالته، ليصل إلى الغاية المرجوة، وينال أعلى العلامات.
اقرأ أيضاً: أبحاث ما بعد الدكتوراه… المزايا والتحديات.
مرحلة مناقشة الرسالة

تعتبر مرحلة مناقشة رسالة الماجستير المرحلة الأخيرة والأهم على الإطلاق في سنوات الماجستير، فهي المؤهل الرئيسي للحصول على درجة الماجستير. ومن خلالها، يجب أن يبرهن الباحث العلمي تمكنه من طرح ومناقشة الموضوع الذي يدرسه، وقدرته على تقديم فائدة حقيقية مستمدة من الأفكار التي وضعها ضمن الخطة البحثية لرسالته. وبما أن مناقشة الرسالة مصيرية وجوهرية، فمن الطبيعي أن نرى الباحث العلمي متوتراً إلى درجة كبيرة، ويرتجف ويرتعش أثناء مناقشة رسالة الماجستير. ولكن من غير الطبيعي أن يؤثر هذا التوتر والخوف الشديد على أدائه وسلوكه، وطريقة تحدثه وتمكنه أثناء مناقشة رسالة الماجستير أمام المختصين والمحكمين. وفي الواقع، إن مصدر الخوف والتوتر لدى الطلاب يكون لسببين. الأول، هو إدراكهم أن تعبهم وجهدهم المبذول على مدار شهور متعلق بنتيجة مناقشة الرسالة أمام المختصين، لذا يكونون في حالة قلق وتوتر حتى تصدر النتيجة، إما الرسوب وعدم القبول – لا سمح الله – أو النجاح والقبول، وبالتالي الحصول على درجة الماجستير.
أما الثاني، فهو الخوف من الرسالة نفسها، إما لكونهم يرونها ضعيفة، أو تحتوي على بعض الأخطاء. أو ربما ليست لديهم الجرأة للتحدث بقوة والمناقشة والإجابة على الأسئلة المطروحة. ولحسن الحظ، هناك حلول لكافة الأسباب التي تؤدي إلى التوتر والقلق أثناء مناقشة الرسالة، وسوف نستعرض بعض النصائح والخطوات التي من شأنها تخفيف التوتر والخوف أثناء مناقشة رسالة الماجستير.
اقرأ أيضاً: ما هو دور المشرف الأكاديمي في البحث؟
نصائح حول مناقشة رسالة الماجستير

سنتحدث أولاً عن بعض النصائح المرتبطة بمحتوى الرسالة من المادة العلمية. بعد أن تنتهي من إعداد الرسالة الخاصة بك، من الضروري جداً أن تراجعها أكثر من مرة. وأن تنظر إليها بصفتك ناقداً ومحكماً، وليس كاتباً ومراجعاً، فهذه الطريقة تساعدك في الكشف عن الأخطاء والعثرات، ونقاط الضعف التي تحتويها الرسالة. فربما تجد فقرات تحتاج إلى التوسع أو التزويد بمعلومات إضافية مثلاً. ويجب أن تكون ملماً بشكل كامل بكافة المصطلحات والمفردات المستخدمة ضمن الرسالة، وأن تفهمها فهماً كاملاً يساعدك على شرحها ارتجالياً.
ومن المفضل أيضاً أن تقوم بكتابة الأفكار الرئيسية للرسالة، وأن تقوم بتلخيصها بشكل مختصر، فهذا يساعدك على المراجعة بشكل أفضل، ويكون بمثابة الداعم القوي لك أثناء المناقشة، فالكثير من المناقشين يحبون الاطلاع على ملخص لأفكار الرسالة قبل مناقشتها. وحاول إن استطعت أن تستبق الأحداث وتتوقع بعض الأسئلة التي ربما يطرحها المناقش.
وهناك فكرة مهمة يغفلها البعض، وهي الإلمام بالدراسات السابقة التي استفدت منها في رسالتك. يجب عليك أن تفهم هذه الدراسات، والمفردات الخاصة بها. وكنصيحة إضافية، يمكن كسب ود ومحبة المناقشين من خلال ذكر أسمائهم وإنجازاتهم ومدحهم، والثناء على جهودهم المبذولة في المجال العلمي:).
وأخيراً، لابد من الإشارة إلى أمر في غاية الأهمية، ألا وهو الأخطاء اللغوية. في الحقيقة، إن الأخطاء اللغوية تنقص من رسالتك الكثير، وتقلل من قيمتها، وتوجه الاهتمامات لها عوضاً عن المادة العلمية. لذا لا يجب أن تقع ضحية للأخطاء اللغوية، وأن تخسر بعض الدرجات مقابل ذلك، لهذا يعد التدقيق اللغوي للرسالة بعد إنجازها أمرا ضروريا وحتميا، والتدقيق يحتاج إلى خبرة وممارسة ومهارة، وفي الغالب، لن تستطيع القيام بعملية التدقيق اللغوي أو التحرير وحدك. لذا نقوم في موقع المدقق بتقديم خدمات التدقيق اللغوي والتحرير، بأفضل الأسعار الممكنة وأقوى الميزات، فالخبراء لدينا يمكنهم مراجعة رسالتك وتدقيقها وتنقيحها بشكل كامل، وإخراجها بأفضل صورة ممكنة.
نصائح يجب اتباعها أثناء المناقشة

أولاً، يجب أن يكون لديك اليقين التام بأن التوفيق من الله، وبأنه لن يضيع تعبك وجهدك الذي بذلته. فأنت قد أخذت بالأسباب، وبقي أن تتوكل على الله وتعمل على كسب رضاه، وحينها ستكون في الطريق الصحيح، ولن يكون هناك أي دافع للخوف أو التوتر. يٌفضل أن تذهب إلى قاعة المناقشة مبكراً، أي قبل الموعد، حتى تتعرف على المكان وجوّه، وتتخيل الوضعيات والأماكن التي سيجلس عندها المناقشون، وبفعلك لهذا الأمر تستطيع التقليل بشكل كبير من الخوف والتوتر، وزيادة قدرتك على التفاعل والتحدث والتكيف مع أجواء المناقشة.
قبل عدة أيام من المناقشة، قم بتجهيز كافة الأغراض والمستلزمات التي يجب إحضارها. لاسيما نسخة كاملة عن الرسالة، وأوراق ودفتر ملاحظات وقلم. وحاول تخمين الأسئلة التي سيتم طرحها، وجد الأجوبة المناسبة لها بهدوء. وأثناء المناقشة، ربما تواجه أحد هذه الأسئلة، فيكون ردك قوياً واثقاً، ومدركاً لأهمية السؤال، ولافتاً لانتباه المناقشين. وبهذا تستطيع تحسين صورتك أمامهم.
ابدأ مناقشة رسالة الماجستير بالتعريف عن نفسك، واذكر ملخصاً سريعاً محضّرا مسبقاً عن الرسالة. ولا تنس التحدث عن الدوافع والأسباب وراء اختيارك لموضوع رسالة الماجستير. ووضح أنك قادر على المناقشة في هذا المجال بقوة، وقادر على تحقيق النجاح وإضافة قيمة علمية لمجال البحث العلمي.
لا تكن متسرعاً، وبالمقابل لا تأخذ وقتاً طويلاً للإجابة عن الأسئلة. فكر بهدوء وتركيز مرتفع، ثم أعطِ إجابة دقيقة وواضحة وشاملة، واذكر ملخصاً بسيطاً يتناول كافة جوانب ونقاط السؤال. وإن لم تستطع الإجابة عن نقطة أو فكرة ما من أفكار السؤال، فلا مشكلة، يمكنك تبرير ذلك بأنك لست ملماً بها، وأنك مهتم بمعرفتها والاطلاع عليها في المستقبل. من المهم أن تكون واثقاً أثناء الإجابة، حتى إن لم تكن متأكداً 100% من صحتها. فالثقة أمر ضروري يجب إبرازه أثناء مناقشة رسالة الماجستير.
اقرأ أيضاً: ما معنى معامل الصدق والثبات في البحث العلمي؟
أبرز الأسئلة التي يطرحها المناقشون أثناء مناقشة الرسالة
1- ما هي الأساليب التي استندت إليها لتحليل النتائج؟
2- ما مدى صحة ومصداقية النتائج التي وصلت إليها؟
3- ما هي المحاسن والمساوئ المتعلقة بطريقة عمل البحث؟
4- ما هي أبرز المشكلات التي واجهتك أثناء العمل على الرسالة؟
5- هل كنت تستطيع الحصول على نتائج أفضل في حال كان لديك وقت أطول للعمل على الرسالة؟
وفي النهاية، لا بد من امتلاك أكبر قدر ممكن من الثقة بالنفس، وبالله عز وجل، ومن العمل المثابر والجاد، وستذهب إلى مناقشة الرسالة دون توتر أو قلق بإذن الله.